مصطلحٌ جديدٌ ظهر في عالم الاقتصاد مع انتشار الإنترنت في مطلع تسعينات القرن العشرين، إلا أنَّ بعض الباحثين يُرجِعُ جذورَه إلى عقد السبعينات، وذلك من خلال وجود أنظمة تبادل المعلومات الإلكترونية بين الشركات الصناعية.

تعريف التجارة الالكترونية

تُعرَّف التجارة الإلكترونية على أنها النشاط الذي يهدف إلى شراء أو بيع المنتجات أو الخدمات إلكترونياً عبر خدمةٍ شبكيةٍ متخصصةٍ أو عبر الإنترنت عموماً. تقوم التجارة الإلكترونية على مجموعةٍ من التقنيات والمقومات، وتشمل من ضمن ما تشمل أسلوب التجارة المتنقلة، والتحويل الإلكتروني للأموال، وإدارة سلسلة توريد البضائع، والتسويق الإلكتروني، ومعالجة المعاملات عبر الإنترنت، وتبادل البيانات الإلكترونية، وأنظمة إدارة المخزون، وأنظمة جمع البيانات آلياً.

تتقاطع التجارة الإلكترونية مع الكثير من التخصصات كالاقتصاد والمحاسبة وإدارة الأعمال والتسويق وإدارة الموارد البشرية وعلوم الحاسوب وعلم سلوك المستهلكين وإدارة نظم المعلومات والعلوم الاحصائية، وغير ذلك.

التجارة الإلكترونية بحسب تعريف Oracle؛ هي عملية بيع وشراء البضائع والخدمات عبر الإنترنت. إذ يمكن لعملاء التجارة الإلكترونية إجراء عمليات شراء من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم بالإضافة إلى نقاط الاتصال الأخرى، بما في ذلك الهواتف الذكية والساعات الذكية.

نشأة التجارة الإلكترونية

منذ مطلع العقد الأخير من القرن العشرين، بدأت الإنترنت بالسيطرة تدريجياً على عالمنا المعاصر، ورغم أن بداياتها كانت خجولةً متواضعة، إلا أنها باتت السمةَ الأكثر بروزاً لعصرنا الحالي. منذ بزوغ فجر عصر الإنترنت، بدأ يظهر الميل لاستخدامها في تسيير أمور التجارة، فقد كان من المنطقي أن يحاول البشر استغلال قوة الإنترنت لتحقيق الأرباح المالية وليس لمجرد الاطلاع على الأخبار والتواصل مع الآخرين. هذه كانت بدايةَ فكرة ما نسميه اليوم “التجارة الإلكترونية”.

بدأت شركات التجارة الإلكترونية بالظهور إلى النور مع بداية تسعينات القرن العشرين، ففي عام 1992 تم إطلاق Book Stacks Unlimited ليصبح أولَ سوقٍ إلكترونيٍّ لتجارة الكتب، وقد اعتمد في عمله بدايةً على المكالمات الهاتفية، ثم تحول عام 1994 إلى موقع إلكترونيٍّ بالمعنى الحديث.

بعد ذلك بعامٍ واحد، قام جيف بيزوس بإطلاق متجر أمازون الشهير، وتبعه بيير أوميديار بإطلاق المتجر الإلكتروني AuctionWeb، الذي يُعرف اليوم باسم eBay. بعد أعوامٍ قليلةٍ من إطلاق تلك المتاجر الإلكترونية، ظهرت خدمة (PayPal)، وهي نظامٌ للدفع عن بُعدٍ إلكترونياً، وقد اعتُبِرَت حينها آخرَ استكمالٍ لمتطلبات عملية الشراء الإلكتروني. إثرَ ذلك ومع بداية القرن الحالي، انطلقت عشرات المواقع والخدمات العالمية التي ساهمت في تطوير التجارة الإلكترونية لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم من درجات التكامل. إن هذا التكامل لا يعني أبداً أن التجارة الإلكترونية العالمية قد توقفت عند حدٍّ معينٍ من التطور، بل يمكن للمرء أن يلاحظ بسهولةٍ أن عمليات التوسع في مجال التجارة الإلكترونية لا زالت مستمرةً دون هوادة، حيث تنطلق تِباعاً مئات المواقع والخدمات الجديدة التي تساهم في تحسين تجربة الشراء الإلكتروني، يُضاف إلى ذلك كَمٌّ هائلٌ من التطورات التي تضاف بشكلٍ مستمرٍ إلى المواقع الموجودة سابقاً والناشطة في مجال التجارة الإلكترونية. إن مجموعة التطورات التي تطرأ على التجارة الإلكترونية عالمياً تجعلها واحدةً من أكثر المجالات التجارية نمواً في العالم، حيث يُتوَقَّع أن تتخطى مبيعاتها خمسة تريليونات دولار أميركي بحلول عام 2022.

أنواع التجارة الإلكترونية:

يمكن تصنيف التجارة الإلكترونية ضمن عدة فئات، وذلك وفق مجموعةٍ من المعايير قد يكون أهمَها طبيعة طرفي عملية البيع، ونوع الخدمة أو السلعة المقدَّمة.

أنواع التجارة الإلكترونية من حيث طرفي عملية البيع:

جرت العادة على تقسيم التجارة الإلكترونية إلى أربعة نماذج رئيسةٍ تبعاً للعلاقة بين العميل والتاجر، وهذه النماذج هي:

  • من شركة إلى مستهلك (B2C): هو النموذج الأكثر استخداماً في عالم التجارة الإلكترونية، وفيه تقع الشركة من العملية موقعَ البائع.
  • من شركة إلى شركة (B2B): يقوم هذا النموذج على إجراء عمليات بيعٍ وشراءٍ بين الشركات، وغالباً ما تتمحور المعاملات التجارية هنا حول مواد خام ومعداتٍ صناعيةٍ وبضائع بالجملة.
  • من مستهلكٍ إلى مستهلك (C2C): هذا النموذج يشبه النموذج الأول إلى حدٍّ بعيد، ولكن تتم فيه التعاملات التجارية بين المستهلكين، حيث تقدم معظم المتاجر الإلكترونية الكبرى إمكانية التبادل التجاري بين المستهلكين من خلال قيام أحدهم بالاشتراك بحساب بائعٍ وعرض المنتجات التي يريد بيعها على حسابه في المتجر الإلكتروني.
  • من مستهلك إلى شركة (C2B): في هذا النموذج يقوم المستهلك بالبيع إلى شركة، ويسود هنا بيع الخدمات أكثرَ من بيع السلع.

أنواع التجارة الإلكترونية من حيث نوع الخدمة:

يمكن تقسيم التجارة الإلكترونية أيضاً إلى أربعة أنواعٍ رئيسةٍ تبعاً لنوع الخدمة التي يتم تداولها عبرها، وهي كما يلي:

  • التعليم الإلكتروني: شكَّل التعليم الإلكتروني قرابة 200 مليار دولارٍ أميركيٍّ من مجمل الحركة المالية في السوق الإلكترونية العالمية خلال عام 2019، وذلك وفقاً لإحصاءات موقع ستاتيستا المتخصص، ومن المتوقع أن يفوق حجم قطاع التعليم الإلكتروني 370 مليار دولارٍ أميركيٍّ بحلول عام 2026. لقد شهد قطاع التعليم الالكتروني طفرةً نوعيةً خلال عام 2020، وذلك بسبب جائحة كورونا التي تسببت بإغلاق عددٍ هائلٍ من المدارس والجامعات عالمياً، وما رافق ذلك من انتهاج سياسة التعليم عن بعدٍ في الكثير من دول العالم.
  • متاجر البيع بالتجزئة: تشكل مواقع البيع بالتجزئة جزءاً هاماً من حركة التجارة الالكترونية عالمياً، فوفقاً لدراسةٍ أجراها موقع ستاتيستا، من المتوقّع أن تتضاعف مبيعات قطاع البيع بالتجزئة لتصل إلى حوالي 6.54 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2022. لقد أحدثت جائحة كورونا تغيراً ثوريّاً في أسلوب البيع والشراء، فقد رسخ الحجرُ الصحيُّ في أذهان الناس ثقافةَ الشراء من المتاجر الإلكترونية، واستمر ذلك الاتجاه بالنمو حتى بعد رفع القيود تدريجياً عن المتاجر ونقاط البيع التقليدية. لقد تضاعفت مبيعات موقع ebay بنسبة 34.6% في الربع الثاني من عام 2020 مسجّلاً بذلك أعلى نسبة نموٍّ على مدار 15 عاماً.
  • خدمات التوصيل: بدأ هذا النوع من الخدمات على هيئة مكالمةٍ هاتفيةٍ عاديةٍ لطلب خدمة توصيل الأفراد أو توصيل الطعام من المطاعم، ومع انتشار الهواتف الذكية بشكلٍ واسعٍ على مستوى العالم، تطوّرت هذه الخدمة جذرياً وباتت تتم عن طريق تطبيقاتٍ محمولةٍ مخصصةٍ لطلبات التوصيل. لقد اقتحمت بعض شركات توصيل الركاب القوية مثل Uber قطاعَ التوصيل من السوق، وصارت توفر بذلك خدمات توصيل المأكولات إضافةً إلى خدماتها الأساسية المتمثلة بنقل الركاب والبضائع. من السهل ملاحظة أنَّ خدمات التوصيل لاقت مؤخراً رواجاً غير مسبوقٍ على مستوى العالم، ففي ظل التباعد الاجتماعي وتقليص حركة الناس باتت المطاعم ومتاجر بيع المأكولات والمشروبات تعتمد اعتماداً كبيراً على خدمات شركات التوصيل كمصدرٍ رئيسيٍّ للربح. من المتوقع أن تصل أرباح قطاع توصيل الطعام إلى حوالي 200 مليار دولار أميركي بحلول عام 2025.
  • منصات العمل الحُر: رغم أن فكرة مواقع العمل للمستقلين (Free lancers) هي أقدم من جائحة كورونا، إلا أن تلك المواقع لاقت رواجاً كبيراً جداً مع انتشار ثقافة العمل عن بعدٍ لدى العديد من الشركات، والتي واكبت الانتشار العالمي للوباء وما رافقه من حجرٍ صحيٍّ واسع النطاق. توفر منصات العمل الحر بيئةً متكاملةً لإدارة وتنظيم الأعمال الحرة من خلال ربط صاحب العمل مع شبكةٍ من المستقلين، وتقوم بعض تلك المنصات بتَبَنِّي نظام المناقصة على نحوٍ يجد فيه صاحبُ العمل ضالتَه من خلال توكيل المهام للمُستقل الذي يتلاءم عَرضُه مع الميزانية المرصودة للعمل.

أنواع التجارة الإلكترونية من حيث المنتجات والخدمات المعروضة:

بعد الاطلاع على أنواع التجارة الإلكترونية، يمكن تصنيف الشركات العاملة في ذلك المجال وفق ما يلي:

  • شركات بيع البضائع: تعتمد هذه الشركات على بيع السلع المادية التي تُرسَل إلى المستهلك بمجرد الشراء، ومن أشهر أمثلتها متجر أمازون.
  • شركات بيع الخدمات: تقوم هذه الشركات بتقديم الخدمات عبر الإنترنت، ومن أمثلة ذلك الشركات التي تقدم خدمات توصيل الركاب والبضائع.
  • شركات بيع المنتجات الرقمية: تختلف المنتجات الرقمية في طبيعتها عن السلع المادية، ويمكن أن تتمثل تلك المنتجات في كتابٍ إلكترونيٍّ أو برنامجٍ للكومبيوتر أو ألعاب فيديو قابلةٍ للتحميل أو دورةٍ تدريبية عبر الإنترنت.

أنواع التجارة الإلكترونية من حيث التقنية

تستخدم التجارة الإلكترونية شبكة الويب لجزءٍ واحدٍ على الأقل من أجزاء دورة حياة المعاملة التجارية، وتشمل بيئة التجارة الإلكترونية في ما تشمل مجموعة التقنيات والاستراتيجيات الرئيسة التالية:

  • مبيعات التجزئة المباشرة للمستهلكين عبر مواقع الإنترنت والتطبيقات المحمولة، وكذلك عن طريق المحادثات الصوتية المباشرة.
  • تأمين سوقٍ إلكترونية تعمل على تسيير التعاملات التجارية بين مُنتجيِّ الطرف الثالث والمستهلكين (B2C)، أو بين مستهلكٍ ومستهلك (C2C).
  • تأمين سوقٍ إلكترونية لتخديم العمليات التجارية بين الشركات المنتجة (B2B)، وكذلك تأمين تبادل البيانات الإلكترونية بين الشركات.
  • جمع وتوظيف البيانات الديمغرافية للمستهلكين عبر مواقع التسوق الإلكتروني أو عن طريق منصات التواصل الاجتماعي.
  • تقديم العروض الإعلانية التسويقية للعملاء الفعليين والعملاء المحتملين عبر خدمات البريد الإلكتروني أو الفاكس.
  • الحملات الدعائية لإطلاق منتجاتٍ أو خدماتٍ جديدة.
  • التبادلات المالية عبر الإنترنت لتسيير خدمات صرف العملات أو الدفع الإلكتروني لقاء عمليات شراء السلع والخدمات.

مزايا التجارة الإلكترونية

تختلف التجارة الإلكترونية عن التجارة التقليدية اختلافاتٍ جوهرية، فكلٌّ منهما تتخذ شكلاً مختلفاً للوصول إلى نفس النتيجة النهائية. في التجارة التقليدية يتوجب على العميل أن يذهب إلى المحل التجاري بنفسه وأن يدفع ثمن السلع التي يختارها نقداً أو عبر بطاقةٍ مصرفية، أما في التجارة الإلكترونية، فبإمكان العميل أن يشتري المنتَج أو الخدمة بنقرةٍ واحدة، وذلك بصرف النظر عن مكان وجوده ومكان وجود السلعة التي هو بصدد شرائها.

من المؤكد أن كُلّاً من نوعَي التجارة له مزاياه وعيوبه، ورغم عدم خلو التجارة الإلكترونية من العيوب، إلا أنها تحقق حالياً نمواً غير مسبوقٍ في حجم التداولات التجارية السنوية على مستوى العالم، وعموماً، تسعى التجارة الإلكترونية دائماً إلى مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية، وذلك في محاولةٍ لتوفير تجربة شراءٍ متكاملةٍ للمستهلكين وبأبسط الطرق الممكنة.

تتمثل أهم مزايا التجارة الإلكترونية بما يلي:

سرعة الشراء: تتيح التجارة الإلكترونية للمستهلك إمكانيةَ التسوق من أي مكانٍ وفي أي وقت، فلا يتوجب مثلاً على المستهلك أن يذهب إلى مدينةٍ أخرى لشراء منتَجٍ يحتاجه، بل يمكنه من خلال الاستفادة من التجارة الإلكترونية أن يحصل على المنتَج بسرعةٍ وسهولةٍ ودون أي عناء. يُضاف إلى ذلك تَوفرُ عددٍ كبيرٍ من المنتجات المتاحة أمام المُشتري، ففي السابق لم يكن بمقدور المُشتري اقتناء مُنتجاتٍ إلا تلك التي يجدها أمامَه على رفوف المحلات التجارية التي يرتادها، أما اليوم فقد بات بإمكان المُشتري شراء المنتجات التي يريدها ومن مختلف دول العالم.

سهولة التسوَّق: من أهم مزايا المتاجر الإلكترونية أنها توفر خدماتها على مدار الساعة، وهي بذلك تختلف عن المتاجر التقليدية التي تلتزم بساعاتٍ معينةٍ للعمل. توفر المتاجر الإلكترونية كذلك بعضَ الخصائص التي لا تتوفر في المتاجر التقليدية، ومثالُ ذلك وجود ميزة البحث عن المنتجات من خلال شريط البحث، مما يسمح للمستهلك بمعاينة عددٍ كبيرٍ من السلع بسرعةٍ وسهولةٍ ضمن صفحةٍ واحدة، وهو ما يوفر على المستهلك عناءَ البحث عن المنتجات في المتاجر التقليدية.

انخفاض التكاليف وسهولة التوسّع: لا يتطلب إنشاء متجرٍ إلكترونيٍّ قيامَ صاحب المشروع بشراء أو استئجار مكانٍ لعرض المنتجات، أو إنفاق مبالغ طائلةٍ في تجهيز صالاتٍ للبيع، بل يمكن إطلاق المتجر الإلكتروني بأقل التكاليف وفي أسرع وقتٍ ممكن. يضاف إلى ما سبق أن التوسع في مشروع التجارة الإلكترونية لا يحتاج إلى إنشاء فروعٍ جديدةٍ، بل يستطيع أصحاب المشروع إجراء عمليات التوسع على مناطق جغرافيةٍ كبيرةٍ بسهولةٍ وسرعةٍ وبتكاليف منخفضة.

كيف تبدأ مشروع التجارة الإلكترونية؟

يتطلب نجاح مشروع التجارة الإلكترونية الكثيرَ من العمل الدؤوب، كما يحتاج قدراً كبيراً من التعلم والصبر، ومما لا شك فيه أن تحقيق الربح السريع من التجارة الإلكترونية هو مجرد وهم.

تتلخص خطوات البدء بمشروع التجارة الإلكترونية بما يلي:

دراسة جدوى مشروع التجارة الإلكترونية: إن دراسة الجدوى الاقتصادية هي خطوةٌ أساسيةٌ عند بداية أي مشروع، ومن الخطأ بناء المشاريع اعتماداً على الحدس. يمكنك من خلال دراسة جدوى مشروع التجارة الإلكترونية أن تتعرف على مدى جدوى مشروعك ودرجة تقبل السوق لفكرة المشروع، مما يسمح لك ببدء المشروع بقدرٍ أكبر من الثقة.

تَبَنِّي نموذج عملٍ مناسب: للتجارة الإلكترونية نماذج مختلفة، ولكي تعرف النموذج المناسب لك، عليك معرفة الخدمات التي يُمكنك توفيرها. يمكنك مثلاً الاتجاه إلى نموذج البيع بالجملة في حال كنت تمتلك مستودعاً. إذا أردتَ تأسيس متجرٍ إلكترونيٍّ ناجح، فعليك أولاً بناء علامةٍ تجاريةٍ فريدةٍ من نوعها، ويتم لك ذلك من خلال اختيار أصولٍ للعلامة التجارية تكون مترابطةً مع شخصية متجرك الإلكتروني. أول ما عليك فعلُه هو اختيار اسمٍ مناسب، ثم ابدأ بتصميم الهوية البصرية للمتجر، وفي هذا السياق ستجد من المفيد أن تستعين ببعض خدمات تصميم الشعارات الاحترافية.

اختيار المنتجات المناسبة: بعد تحديد نموذج العمل تأتي مرحلة اختيار السوق والمنتجات التي سيتم طرحها على المتجر الإلكتروني، ولفعل ذلك بشكلٍ صحيح، يتوجب إجراء بحثٍ دقيقٍ ومُتأنٍّ حول المنتجات الأكثر مبيعاً في المتاجر الأخرى، فإنَّ أكثرَ ما يُثبت نجاح منتجٍ معينٍ هو وجود مبيعاتٍ فعليةٍ له. إذا كنت تُصنّع منتجاتك الخاصة، فيمكنك عندها التوجه إلى العملاء المحتمَلين والبدء في جمع الآراء حول منتجاتك لتعرف المنتجات الأنسب لعرضها على متجرك الإلكتروني. إنَّ آخرَ ما يجب أن تفكر به عند بناء متجرٍ إلكترونيٍّ هو محاولة عرض الكثير من الفئات والمنتجات ظناً منك أنك ستحقق بذلك أرباحاً أكثر، فما الذي سيدفع العميل إلى الشراء منك بدلاً من الاتجاه إلى المتاجر الكبرى مثل أمازون؟ تكمن الإجابة في تحديد فئةٍ معينةٍ من المنتجات والتميُّز بها والتأكد من وجود منافسةٍ عادلة، إذ إنَّ الغياب التام للمنافسة قد يعني أحياناً عدمَ وجود سوقٍ على الإطلاق.

حساب تكاليف إنشاء المتجر الإلكتروني: تختلف تكاليف إنشاء المتجر الإلكتروني حسب نموذج العمل، ومن الضروري جداً حساب تكاليف الإنشاء قبل القفز إلى عملية التشغيل التي ستكون لها تكاليف أخرى مختلفة، علماً أنه في عام 2020 بلغ متوسط تكاليف إنشاء متجرٍ إلكترونيٍ حوالي 1000 إلى 3000 دولار أميركي. لمعرفة الميزانية المطلوبة يجب حساب تكاليف دراسة الجدوى، وتكاليف تصميم الهوية البصرية، وتكاليف حجز النطاق والاستضافة المناسبة للمتجر لمدة عامٍ كامل، وكذلك تكلفة الحصول على شهادة (SSL). تُضاف إلى ما سبق المبالغ الذي سيتوجب دفعها للمبرمج المسؤول عن إنشاء المتجر الإلكتروني، وكذلك كاتب المحتوى والمسوّق الرقمي للمتجر.

تحديد طرق الدفع المناسبة: لكي تتمكن من استقبال أرباحك من التجارة الإلكترونية ينبغي أولاً أن تحدد طريقة حصول ذلك، فهل ستوفر للعميل فرصةَ الدفع النقدي لمندوب التوصيل عند استلام المنتَج؟ أم أنك ستعتمد على طرق الدفع الإلكتروني، أم ستتبنى مزيجاً من الأسلوبين معاً؟ يمكنك عموماً إتاحة الدفع عبر البطاقات الإلكترونية والمحافظ الرقمية، والدفع عبر الموبايل، والتحويل البنكي. في جميع تلك الحالات، حاول قدر الإمكان إتاحة سبل الدفع الأسهل بالنسبة لعملائك، فقد تشكل طرق الدفع الإلكتروني مثلاً عائقًا أمام بعض العملاء لعدة اعتباراتٍ لا مجال لذِكرها هنا.

إنشاء المتجر الإلكتروني

يمكن للشخص المُقبل على مشروع التجارة الإلكترونية أن يتخذ لنفسه أحد خيارين، يتمثل الأول في الاعتماد على منصات إنشاء المتاجر الإلكترونية، أما الثاني فيقوم على إنشاء المتجر الإلكتروني من الصفر. إن الخيار الثاني يتيح لصاحب المتجر الإلكتروني تحكماً برمجياً كاملاً بمتجره، ويسمح بالتالي ببناء المتجر بالشكل المناسب تماماً ووفقاً لرغبة المالك، رغم أن ذلك سيكلف وقتاً وجهداً إضافيَّيْن.

في حال أراد الشخص الاعتماد على منصات إنشاء المتاجر الإلكترونية، فأفضل الخيارات المتاحة سيكون إنشاء موقعٍ على WordPress ثم تثبيت إضافة WooCommerce التي تتيح تحويل الموقع إلى متجرٍ إلكترونيٍّ يتضمن جميع النواحي مثل بوابات الدفع، وإمكانية إضافة المنتجات وفرزها ضمن مجموعةٍ من الفئات، وغير ذلك من المميزات.

أسباب فشل بعض المتاجر الإلكترونية

تُظهرُ القائمة التاليةُ أبرزَ أسباب فشل المتاجر الإلكترونية، والتي يمكن من خلال تجنبِها تحقيقُ فائدةٍ عظيمةٍ في خدمة نجاح المتجر الإلكتروني:

عدم نشر معلومات التواصل: إنَّ عدمَ نشر معلومات التواصل هو من أبرز الأخطاء التي قد يقع فيها أصحاب المتاجر الإلكترونية، فعدم وجود معلوماتٍ واضحةٍ للتواصل يخلق لدى العملاء الكثيرَ من إشارات الاستفهام حول موثوقية المتجر وإمكانية التواصل معه لدى حصول أي مشكلةٍ في عملية الشراء الإلكتروني.

اختيار المنتجات الخطأ: عند الانطلاق في مشروع التجارة الإلكترونية، يقع الكثير من أصحاب الأعمال في خطأٍ جسيمٍ يتمثل في اعتقادهم بأن المنتجات التي قاموا باختيارها هي الأفضل على الإطلاق، في حين قد تكون الفكرة بعيدةً كلَّ البُعد عن الحقيقة. إن الخسائر التي ستترتب على الاختيار الخاطئ للمنتجات تجعل من الضروري على صاحب العمل ألا يقع في غرام اختياراته الشخصية، وأن يعطي لنفسه الوقت اللازم في البداية للبحث ودراسة السوق بهدف إيجاد المنتجات الأفضل لمتجره.

غياب العرض الجيد للمنتجات ضمن فئاتٍ واضحة: يقع العديد من المتاجر الإلكترونية في فخ عدم وجود توزيعٍ واضحٍ للمنتجات المعروضة ضمنها، فمن الطبيعي مثلاً أن تصنف الملابس المعروضة على المتجر الإلكتروني ضمن مجموعاتٍ تبعاً للفئات العمرية للمستهلكين، حيث تُعرَض ضمن فئاتٍ للأطفال والرجال والسيدات، ثم تقسم كل فئةٍ إلى فئاتٍ أصغر بالشكل الذي يسهل على العميل عملية البحث عن السلعة المطلوبة.

فشل أو غياب عملية التسويق: مما لا شك فيه أن عملية التسويق هي واحدةٌ من أهم أساسيات تحقيق الأرباح من التجارة الإلكترونية، فمهما كان المتجر مثالياً فإنه لن يعود عليك بشيءٍ يُذكَر دون أن تبدأ بجذب العملاء المناسبين إليه. يمكن التسويق للمتجر الإلكتروني عبر العديد من القنوات، ويأتي على رأسها التسويق الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتسويق عبر البريد الإلكتروني، والتسويق من خلال إنشاء مدونةٍ جذابةٍ للفت الانتباه إلى متجرك، ولا يخفى على أحدٍ أن انتهاج استراتيجيةٍ تجمع عدة قنواتٍ تسويقيةٍ سيكون له أثرٌ بالغٌ في إشهار المتجر الإلكتروني وزيادة حركة التعاملات التجارية التي تتم عبره.

التنافس مع عمالقة السوق: قد يقود الحماس المفرط في البداية أصحابَ بعض المتاجر الإلكترونية إلى محاولة عرض جميع فئات المنتجات على المتجر دون التركيز على فئةٍ أو فئاتٍ محددة. إن هذا الخطأ يُدخِلُ المتجر الجديد في منافسةٍ مع بعض المتاجر الضخمة والعلامات التجارية المشهورة، وهو ما سيعود غالباً بالفشل على المشروع الناشئ. يتلخص الكلام هنا في أن اختيار فئاتٍ محددةٍ من المنتجات لتحقيق مبيعاتٍ معقولة، هو أفضل بكثيرٍ من محاولة عرض عددٍ كبيرٍ من المنتجات دون نتيجةٍ تُذكَر. إن وجود عشرات أو مئات المتاجر المنافسة يجعل من الضروري أن يقوم صاحب المتجر الإلكتروني بإجراء دراسةٍ مُستفيضةٍ لمعرفة نقاط قوته التي يمكن من خلالها أن يدخل في منافسةٍ حقيقيةٍ مع المتاجر الإلكترونية الأخرى، وهو بذلك يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال التي ستتبدد في محاولته لإبقاء متجره قائماً بين المنافسين الأقوياء. فكر أولاً، هل تمتلك خدمة التوصيل الأسرع؟ هل تستطيع تقديم أفضل خدمةٍ لعملائك؟ هل تمتلك الاستراتيجيات التي تكفل لك ولاء العملاء؟ حاول قدر الإمكان إيجاد عدة محاور تتميز بها عن منافسيك لتعزيز وجود متجرك أمام أعين العملاء ولتتمكن من جذبهم إليه.

غياب الشفافية: لا يمكن إنشاء متجرٍ إلكترونيٍّ دون وجود سياسةٍ واضحةٍ لإرجاع السلع واسترداد المال عند الضرورة، فمن المهم جداً بالنسبة لجميع المشترين أن تكون لديهم صورةٌ واضحةٌ حول كيفية استرداد نقودهم في حال وصول السلعة معطوبةً أو على أي درجةٍ من التلف. هناك سببٌ آخر هو من أبرز الأسباب التي تجعل العميل يفقد الثقة بالمتجر الإلكتروني، ويتمثل ذلك بظهور رسومٍ جديدة في الخطوة الأخيرة من عملية الشراء، وهو ما يجعل الكثير من المشترين يُحجِمون عن إكمال عملية الشراء نتيجة شعورهم بعدم شفافية المتجر الإلكتروني. يظهر مما تقدم مدى أهمية إظهار رسوم الشحن والضرائب المضافة مقدماً ضمن نموذج الشراء المُعتَمَد، وذلك لتجنب غضب العميل وانصرافه عن المتجر الإلكتروني دون رجعة.

إنشاء متجرٍ إلكترونيٍّ غير متوافقٍ مع الهاتف المحمول: يتزايد يومياً الاتجاهُ إلى استخدام الهواتف المحمولة في ولوج الشبكة والتواصل الاجتماعي، ويتم ذلك على حساب الانحسار التدريجي في استخدام أجهزة الحاسب الشخصي. يمكن من خلال هذه الفكرة استخلاص مدى أهمية أن يكون المتجر الإلكتروني متوافقاً مع المنصات المحمولة، ومن المؤكد أن التكلفة التي ستترتب على توظيف أحد المبرمجين لجعل المتجر متوافقاً مع الأجهزة المحمولة، ستكون أقلُّ بكثيرٍ من عائدات المتجر في حال استخدام تلك الميزة استخداماً صحيحاً. عموماً، لقد بات الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية يدركون أهمية التوافق مع المنصات المحمولة، ومدى الزيادة التي تحققها في عدد المستخدمين وكثافة عمليات البيع.

رغم أن القائمة السابقة تشمل أهم نقاط فشل المتاجر الإلكترونية، إلا أن أسباب الفشل قد تتعدى ما ذُكِر لتشمل الكثير من العوامل الأخرى، ومنها، الفشل الإداري، ونقص جودة المنتجات المعروضة، وقلة المعلومات المتوفرة حول المعروضات، والمبالغة في الأسعار، وغير ذلك من الأسباب المتعلقة بآليات التشغيل والإدارة.

مجموعةٌ من المصطلحات المستخدمة في مجال التجارة الإلكترونية:

الأعمال الإلكترونية (e-business): هو التعريف الأوسع للتجارة الإلكترونية، ويشمل جميع النشاطات التجارية الإلكترونية، بما في ذلك المعاملات الإلكترونية داخل الشركة وعمليات التبادل التجاري أو بيع وشراء المنتجات والخدمات والمعلومات، بالإضافة إلى خدمة العملاء، ومجموعة الاتصالات والتبادلات الإلكترونية التي تجري في إطار التعاون مع الشركاء التجاريين.

التجارة الاجتماعية (social commerce): هي نشاطات التجارة الإلكترونية التي تتم عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

الحوسبة الاجتماعية (social computing): هي فئةٌ من تطبيقات الإنترنت تساعد في خلق بيئةٍ للتواصل بين الأصدقاء أو شركاء العمل أو الأفراد الذين تجمعهم اهتماماتٌ معينة، وتتضمن الحوسبة الاجتماعية في بُنيتها نظاماً مؤتمتاً يتعامل بشكلٍ مباشرٍ مع التفاعلات والسلوكيات الاجتماعية للمستخدمين، وهي تركز على تحسين التعاون والتفاعل بين الأشخاص. تلعب الحوسبة الاجتماعية دوراً كبيراً في التجارة الإلكترونية، فهي تسمح للأشخاص بالعمل سوياً والتواصل مع الخبراء ومعرفة المنتجات الموصى بها من قِبل مستخدمين آخرين من ذوي الخبرة. تندرج تحت تعريف الحوسبة الاجتماعية مجموعةٌ من أشهر التطبيقات وأكثرها شيوعاً، ويشمل ذلك المدونات وخدمات الويكي ومنصات التواصل الاجتماعي.

السوق الإلكتروني (e-marketplace): هو سوقٌ افتراضيٌّ يتم فيه تبادل السلع والخدمات والمال والمعلومات بين البائع والمشتري عن طريق شبكة الإنترنت.

الشبكة الداخلية (intranet): هي شبكةٌ محليةٌ داخل شركةٍ أو حكومة، تستخدم أدوات الإنترنت مثل المتصفحات وبروتوكولات الاتصال وغير ذلك.

الشبكة الخارجية (extra net): نوعٌ من الشبكات يستخدم الإنترنت لربط مجموعةٍ من الشبكات الداخلية.

العالم الافتراضي (virtual world): هو عبارةٌ عن محاكاةٍ حاسوبيةٍ ثلاثية الأبعاد تسمح للمستخدم بالتعامل مع مكونات بيئةٍ افتراضيةٍ متكاملة، مثل الأبنية والأماكن المفتوحة والسيارات، وذلك باستخدام شخصيةٍ افتراضيةٍ خاصةٍ بالمستخدم (Avatar)، ويُعتبر تطبيق (Second Life) من أشهر الأمثلة على تطبيقات العالم الافتراضي.